ﺤﻮ ﺃﻓﻖ ﺟﺪﻳﺪ
ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ
)5 (
ﺍﻷﺭﺽ
______
ﺍﺑﺘﺪﺍﺀﺍ ﻣﻦ ﻣﻘﺎﻝ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺳﻨﺘﻨﺎﻭﻝ ﺑﺎﻟﺘﺤﻠﻴﻞ ﺩﻭﺭ ﻋﻼﻗﺎﺕ
ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺍﻷﺭﺽ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺰﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﺪﺍﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ، ﻭﻋﻼﻗﺔ
ﺫﻟﻚ ﺑﺎﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ، ﺛﻢ ﻧﺨﺘﻢ ﺑﻤﻨﺎﻗﺸﺔ ﺧﻴﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺤﻠﻮﻝ
ﺍﻟﻤﻄﺮﻭﺣﺔ.
-1 ﺗﺴﻴﻴﺲ ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺍﻷﺭﺽ:
ﻓﻲ ﺍﻷﺟﺰﺍﺀ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﻣﻦ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻘﺎﻻﺗﻨﺎ ﻫﺬﻩ، ﻇﻠﻠﻨﺎ ﻧﻜﺮﺭ
ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻜﻮﻳﻨﺎﺕ ﺍﻟﻘﺒﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ، ﻓﻲ ﺧﻀﻢ ﻧﺰﺍﻋﺎﺗﻬﺎ
ﻭﻣﻌﺎﺭﻛﻬﺎ ﻟﻺﺣﺘﻔﺎﻅ ﺑﻤﻠﻜﻴﺔ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻮﺍﺟﻬﺔ ﺗﻌﺪﻳﺎﺕ
ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺃﻭ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻷﺧﺮﻯ، ﻛﺎﻥ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﻌﻴﺶ
ﺗﻘﺎﻃﻌﺎﺕ ﺩﺍﺋﻤﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺤﺎﻛﻤﺔ، ﺗﺼﺎﺩﻣﺎ ﻣﻌﻬﺎ ﺃﻭ
ﺇﺳﺘﻘﻮﺍﺀﺍ ﺑﻬﺎ، ﻣﻤﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﺍﻟﺴﺒﺎﺣﺔ ﻭﺍﻟﻐﻮﺹ ﻓﻲ ﺑﺤﻮﺭ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ. ﻭﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺟﺎﺀﺕ ﺇﺷﺎﺭﺗﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﻣﻠﻜﻴﺔ
ﺍﻷﺭﺽ ﺗﺸﻜﻞ ﺍﻟﻤﺪﺧﻞ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻟﺘﻌﺎﻃﻲ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﻣﻊ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﻣﻌﻄﻴﺔ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺘﻌﺎﻃﻲ ﻃﺎﺑﻌﻪ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻋﻲ. ﻭﻓﻲ
ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، ﻓﺈﻥ ﺍﻻﺭﺽ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﻇﻠﺖ، ﺗﺎﺭﻳﺨﻴﺎ، ﻋﺎﻣﻼ
ﻫﺎﻣﺎ ﻓﻲ ﺗﻮﺯﻳﻊ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﻭﺍﻟﺜﺮﻭﺓ ﺩﺍﺧﻞ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻊ
ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻲ، ﻭﺳﺘﻈﻞ ﺩﺍﺋﻤﺎ ﺗﺤﺘﻞ ﻣﻮﻗﻌﺎ ﻣﺮﻛﺰﻳﺎ ﻓﻲ ﺳﺎﺣﺔ
ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺤﻮﺭ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﺑﺪﻭﺭﻫﺎ ﺗﻬﻴﻤﻦ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ. ﻛﻤﺎ ﻇﻠﺖ ﺍﻷﺭﺽ ﺗﻤﺜﻞ ﺃﺣﺪ
ﺍﻷﺩﻭﺍﺕ ﻭﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﻬﺎﻣﺔ ﻟﺪﻱ ﺍﻟﺤﻜﺎﻡ ﻟﺒﺴﻂ ﺳﻠﻄﺎﻧﻬﻢ
ﻭﻟﺘﺸﻜﻴﻞ ﺍﻟﻘﻮﻱ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺍﻟﻤﺴﺎﻧﺪﺓ ﻭﺗﺪﺟﻴﻨﻬﺎ ﻭﺭﺑﻄﻬﺎ ﺑﺎﻟﻮﻻﺀ
ﻟﻠﺴﻠﻄﺔ، ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﻭﺳﻴﻄﺎ ﻋﻀﻮﻳﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺨﻲ
ﺑﻴﻦ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻭﺍﻟﻨﺨﺐ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺷﻜﻠﺖ
ﺍﻟﻤﺪﺧﻞ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﻟﺘﻌﺎﻃﻲ ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ ﻣﻊ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ. ﻭﺗﺆﻛﺪ ﻣﻌﻈﻢ
ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺎﺕ ﻭﺍﻟﺒﺤﻮﺙ ﺍﻟﻤﺨﺘﺼﺔ، ﺃﻥ ﺗﺴﻴﻴﺲ ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ
ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺗﺮﺗﺒﻂ ﺑﺘﻘﺴﻴﻢ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ ﺇﻟﻰ "ﺩﻳﺎﺭ" ﻗﺒﻠﻴﺔ ﻣﻦ
ﻗﺒﻞ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻻﺳﺘﻌﻤﺎﺭﻳﺔ، ﻭﺭﺑﻂ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺪﻳﺎﺭ ﺑﺎﻟﻬﻮﻳﺔ ﺍﻟﻘﺒﻠﻴﺔ
ﻭﺍﻟﺠﻐﺮﺍﻓﻴﺔ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﻣﺴﺘﻤﺮﺍ ﺣﺘﻰ ﻳﻮﻣﻨﺎ
ﻫﺬﺍ. ﻭ"ﺍﻟﺪﺍﺭ" ﺑﻬﺎ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ "ﺍﻟﺤﻮﺍﻛﻴﺮ"، ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ
ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﻭﺍﻟﻌﺸﺎﺋﺮ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﺍﻟﻤﻘﻴﻤﺔ ﻓﻴﻬﺎ ﺑﻤﻮﺍﻓﻘﺔ
ﺍﻟﻘﺒﻴﻠﺔ/ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ. ﻟﻜﻦ ﺗﻤﻠﻚ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﻭﻣﻤﺎﺭﺳﺔ
ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﻳﻈﻞ ﺣﻜﺮﺍ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ
ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻭﻻ ﻳﺴﻤﺢ ﺑﻪ ﻟﻠﻘﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﺍﻟﻤﺴﺘﻀﺎﻓﺔ. ﻭﻇﻞ
"ﺍﻟﻨﺎﻇﺮ"، ﻫﻮ ﺍﻟﻤﺆﺗﻤﻦ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﺗﺨﺼﻴﺺ
ﺍﻟﺤﻮﺍﻛﻴﺮ، ﻭﻫﻮ ﺍﻟﻤﻔﻮﺽ ﻟﻤﻤﺎﺭﺳﺔ ﺍﻟﺴﻠﻄﺎﺕ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ
ﻭﺍﻹﺩﺍﺭﻳﺔ ﻭﺍﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ. ﻭﻗﺪ ﻭﻓﺮ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺳﻠﻮﺏ ﺁﻟﻴﺔ
ﺗﺮﺍﺗﻴﺒﻴﺔ ﻭﺍﺿﺤﺔ ﻭﻣﻬﻴﻜﻠﺔ ﻣﻦ ﺃﺟﻞ ﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺰﺍﻋﺎﺕ
ﺣﻮﻝ ﺍﻷﺭﺽ، ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﻤﻨﻌﻬﺎ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﻤﻨﻊ ﻣﺤﺎﻭﻻﺕ
ﺍﻟﺘﻌﺪﻱ ﻭﺍﻹﺳﺘﻴﻼﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻮﺍﻛﻴﺮ ﺑﺎﻟﻘﻮﺓ. ﻭﻣﻦ ﺯﺍﻭﻳﺔ
ﺃﺧﺮﻯ، ﻓﺈﻥ ﻣﺼﺪﺭ ﺍﻹﻧﺘﺎﺝ ﻭﻓﺎﺋﻀﻪ، ﺯﺭﺍﻋﻴﺎ ﻛﺎﻥ ﺃﻭ
ﺣﻴﻮﺍﻧﻴﺎ، ﻫﻢ ﺻﻐﺎﺭ ﺍﻟﻤﻨﺘﺠﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻋﻴﻦ ﻭﺍﻟﺮﻋﺎﺓ. ﺃﻣﺎ
ﺍﻟﻘﻮﻱ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﻭﺍﻟﻘﻮﻯ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺘﺤﺎﻟﻔﺔ ﻣﻌﻬﺎ،
ﺍﻟﻤﺴﻴﻄﺮﺓ ﻋﻠﻲ ﺍﻻﺭﺽ، ﻓﻬﻲ ﻏﺎﻟﺒﺎ ﻻ ﺗﺸﺎﺭﻙ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﻤﻠﻴﺔ
ﺍﻻﻧﺘﺎﺟﻴﺔ، ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﺤﺼﻞ ﻋﻠﻲ ﺍﻟﻨﺼﻴﺐ ﺍﻷﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﻧﺎﺗﺠﻬﺎ
ﺑﺤﻜﻢ ﺗﻤﻠﻜﻬﺎ ﺍﻷﺭﺽ، ﻭﺑﺤﻜﻢ ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﻣﻊ ﻗﻤﺔ ﺍﻟﻬﺮﻡ
ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ.
ﻭﻓﻲ ﻣﺆﻟﻔﻪ ﺣﻮﻝ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﻷﺭﺽ ﻓﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ، ﺍﻟﻤﺸﺎﺭ
ﺇﻟﻴﻪ ﺳﺎﺑﻘﺎ، ﺃﺷﺎﺭ ﺍﻟﺮﺍﺣﻞ ﻣﺤﻤﺪ ﺇﺑﺮﺍﻫﻴﻢ ﻧﻘﺪ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﺒﺎﻳﻦ
ﺍﻟﺠﻐﺮﺍﻓﻲ ﻓﻲ ﺷﻜﻞ ﺇﺩﺍﺭﺓ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﻻﺭﺽ ﻭﺗﻮﺯﻳﻊ ﻓﺎﺋﺾ
ﺍﻻﻧﺘﺎﺝ ﺑﺴﺒﺐ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﺒﻴﺌﻴﺔ ﻭﻫﻴﺎﻛﻞ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪﺓ،
ﻳﺘﺠﻠﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺒﺎﻳﻦ ﺑﻴﻦ ﺍﺩﺍﺭﺓ ﻋﻼﻗﺎﺕ ﺍﻻﺭﺽ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﻦ
ﻣﻤﻠﻜﺘﻲ ﺍﻟﻔﻮﺭ ﻭﺍﻟﻔﻮﻧﺞ، ﺣﻴﺚ ﺗﻤﻴﺰﺕ ﺩﺍﺭﻓﻮﺭ ﺑﺴﺮﻋﺔ
ﺍﻧﺘﻘﺎﻝ ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺍﻻﺭﺽ ﻣﻦ ﺷﺨﺺ ﻵﺧﺮ، ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻇﻠﺖ
ﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺃﻛﺜﺮ ﺛﺒﺎﺗﺎ ﻓﻲ ﻣﻤﻠﻜﺔ ﺍﻟﻔﻮﻧﺞ. ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﺟﻌﻞ
ﻟﺴﻠﻄﺎﻥ ﺍﻟﻔﻮﺭ ﺳﻠﻄﺔ ﻣﻄﻠﻘﺔ ﻋﻠﻲ ﺍﻻﺭﺽ ﻭﻋﺎﺋﺪﻫﺎ، ﻓﻲ
ﺣﻴﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺴﻠﻄﺔ ﺍﻟﻔﻌﻠﻴﺔ ﻟﻼﺭﺽ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻔﻮﻧﺞ ﻟﺪﻱ ﺣﻜﺎﻡ
ﺍﻻﻗﺎﻟﻴﻢ ﺑﺴﺒﺐ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺗﻜﻮﻳﻦ ﺍﻟﺴﻠﻄﻨﺔ ﻭﻫﻴﺎﻛﻠﻬﺎ)ﺗﺤﺎﻟﻒ
ﺍﻟﻔﻮﻧﺞ ﻭﺍﻟﻌﺒﺪﻻﺏ ( ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺃﺷﺒﻪ ﻣﺎ ﺗﻜﻮﻥ ﺑﺎﻟﻨﻈﺎﻡ
ﺍﻟﻔﺪﺭﺍﻟﻲ ﻓﻲ ﻋﺼﺮﻧﺎ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻠﻄﺔ ﺣﻜﺎﻡ
ﺍﻻﻗﺎﻟﻴﻢ ﺍﻛﺜﺮ ﺍﺗﺴﺎﻋﺎ ﻭﺛﺒﺎﺗﺎ.
ﻓﻲ ﺗﺎﺭﻳﺨﻨﺎ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﺃﺻﺒﺤﺖ ﺍﻟﻨﺰﺍﻋﺎﺕ ﻋﻠﻰ ﻣﻠﻜﻴﺔ
ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺃﻛﺜﺮ ﺗﺴﻴﻴﺴﺎ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻗﻮﺿﺖ ﺍﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺳﻴﻢ
ﺍﻟﻤﺘﺘﺎﻟﻴﺔ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﺮﻳﻔﻴﺔ ﻭﺻﻐﺎﺭ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻋﻴﻦ
ﻭﺍﻟﺮﻋﺎﺓ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﺻﺤﺎﺏ ﺍﻟﻤﺸﺎﺭﻳﻊ ﻭﺳﻜﺎﻥ
ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﺍﻟﺤﻀﺮﻳﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﺍﻷﺟﺎﻧﺐ ﻭﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺕ
ﺍﻟﻨﺨﺒﺔ. ﻭﻧﺨﺺ ﺑﺎﻟﺬﻛﺮ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺴﺠﻠﺔ ﻟﻌﺎﻡ
1970 ﻋﻠﻰ ﻋﻬﺪ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻉ ﻧﻤﻴﺮﻱ، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﻧﺺ ﻋﻠﻰ
ﺗﺤﻮﻳﻞ ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺴﺠﻠﺔ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ، ﻭﻧﻔﻲ ﺍﻣﻜﺎﻧﻴﺔ
ﺍﻟﺘﻤﻠﻚ ﺑﻔﻌﻞ ﺍﻻﺳﺘﺨﺪﺍﻡ ﻃﻮﻳﻞ ﺍﻷﻣﺪ ﻟﻸﺭﺽ، ﻛﻤﺎ ﻣﻨﺢ
ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺣﻖ ﺇﺳﺘﻌﻤﺎﻝ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻟﻤﺼﺎﺩﺭﺓ ﺗﻠﻚ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ
ﺑﺈﻋﺘﺒﺎﺭﻫﺎ ﻣﻤﻠﻮﻛﺔ ﻟﻠﺪﻭﻟﺔ. ﻭﺷﺠﻊ ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺗﻤﻠﻴﻚ
ﺍﻟﻤﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﺍﻷﻏﻨﻴﺎﺀ، ﻣﺤﻠﻴﻴﻦ ﻭﺃﺟﺎﻧﺐ، ﻣﺴﺎﺣﺎﺕ ﺷﺎﺳﻌﺔ
ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﻟﻠﺰﺭﺍﻋﺔ ﺍﻵﻟﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻇﻠﺖ ﺗﺘﻀﺎﻋﻒ ﺑﻌﺪ
ﺻﺪﻭﺭ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻹﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﻟﻌﺎﻡ 1990، ﺣﺘﻰ ﻭﺻﻠﺖ ﻓﻲ
ﻋﺎﻡ 2005 ﺇﻟﻰ ﺧﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ ﺿﻌﻔﺎ. ﺳﻴﺎﺳﺎﺕ ﻭﻣﻤﺎﺭﺳﺎﺕ
ﻧﻈﺎﻡ ﻧﻤﻴﺮﻱ ﻭﻧﻈﺎﻡ ﺍﻹﻧﻘﺎﺫ، ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺴﺠﻠﺔ
ﻟﻌﺎﻡ 1970 ﻭﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻹﺳﺘﺜﻤﺎﺭ ﻟﻌﺎﻡ 1990 ﻧﻤﻮﺫﺟﺎ، ﺃﺩﺕ
ﺇﻟﻰ ﺃﻟﻐﺎﺀ ﻧﺴﺒﺔ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﺍﻟﺸﺮﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻘﻀﺎﺋﻴﺔ
ﺍﻟﺮﺳﻤﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻇﻠﺖ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎﺕ ﺍﻟﻤﺤﻠﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ
ﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ، ﻛﻤﺎ ﺃﻟﻐﺖ ﺿﻤﻨﻴﺎ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ
ﺑﺎﻟﻤﻴﺎﻩ ﻭﺭﻋﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﻮﺍﺷﻲ، ﻭﺃﺩﺕ ﺇﻟﻰ ﻋﺰﻝ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻋﻴﻦ
ﻭﺍﻟﺮﻋﺎﺓ ﻋﻦ ﺣﻮﺍﻛﻴﺮﻫﻢ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ، ﻭﺗﺮﺣﻴﻠﻬﻢ ﻣﻨﻬﺎ. ﻭﻣﻦ
ﺍﻟﻮﺍﺿﺢ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺰﻭﺡ ﻋﻦ ﺍﻷﺭﺽ/ﺍﻟﺤﻖ، ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﻋﺰﻝ
ﺍﻟﻤﺴﺎﺭﺍﺕ ﻭﻧﻘﺎﻁ ﺍﻟﺮﻱ ﻭﺍﻟﺮﻋﻲ، ﻭﺇﺳﺘﺸﺮﺍﺀ ﺛﻘﺎﻓﺔ ﺍﻹﺳﺘﺤﻮﺍﺫ
ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ، ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﻋﺰﺯ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺑﺎﻹﻫﻤﺎﻝ
ﻭﺍﻟﺘﻬﻤﻴﺶ ﻭﺍﻻﺿﻄﻬﺎﺩ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، ﺣﻴﺚ ﺗﺮﻙ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺕ
ﻛﺒﻴﺮﺓ ﺩﻭﻥ ﺃﻱ ﺃﺭﺽ، ﻣﻤﺎ ﺃﺭﻏﻢ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺠﻤﻮﻋﺎﺕ ﺇﻣﺎ
ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﻓﻖ ﺃﺟﻮﺭ ﺿﻌﻴﻔﺔ ﻭﻏﻴﺮ ﻣﺴﺘﻘﺮﺓ، ﺃﻭ ﺍﻟﻬﺠﺮﺓ
ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺮﺍﻛﺰ ﺍﻟﺤﻀﺮﻳﺔ. ﻭﻟﻌﻞ ﺷﺢ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﻫﻮ ﺃﺣﺪ
ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﻟﺘﻤﺮﺩ ﻗﺒﺎﺋﻞ ﺍﻟﺒﺠﺎ ﻓﻲ ﺷﺮﻗﻲ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻥ،
ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺇﻧﻌﺪﺍﻡ ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﺭﻏﻢ ﺟﻮﺩ ﺃﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﺒﺠﺎ ﺑﺄﻃﻨﺎﻥ
ﺍﻟﺬﻫﺐ ﻟﺼﺎﻟﺢ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻤﺮﻛﺰﻳﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ. ﻭﻓﻲ
ﺳﻴﺎﻕ ﻣﺸﺎﺑﻪ، ﻛﻤﺎ ﺳﻨﻨﺎﻗﺶ ﻻﺣﻘﺎ، ﺳﺎﻫﻤﺖ ﺻﻨﺎﻋﺎﺕ
ﺍﻟﺘﻨﻘﻴﺐ ﻋﻦ ﺍﻟﺒﺘﺮﻭﻝ ﻭﺍﻟﺬﻫﺐ ﻓﻲ ﺗﻔﺎﻗﻢ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﺘﻬﻤﻴﺶ
ﻭﺍﻟﻐﺒﻦ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻓﺎﻗﻤﺖ ﺍﻟﺘﻐﻴﺮﺍﺕ ﺍﻟﻤﻨﺎﺧﻴﺔ،
ﺍﻟﺠﻔﺎﻑ ﻭﺍﻟﺘﺼﺤﺮ، ﻭﺍﻟﺤﺮﻭﺏ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ، ﻣﻦ ﻇﺎﻫﺮﺓ ﺍﻟﻨﺰﻭﺡ
ﺍﻟﺴﻜﺎﻧﻲ ﻭﻣﺎ ﺇﺭﺗﺒﻂ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻧﺰﺍﻋﺎﺕ ﻭﺻﺮﺍﻋﺎﺕ ﺩﺍﻣﻴﺔ.
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1970، ﺗﻢ ﺣﻞ ﻭﺇﻟﻐﺎﺀ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ،
ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺆﺳﺴﺔ ﻫﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ
ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﺍﻟﻨﺰﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﻣﻔﺮ ﻣﻦ ﺣﺪﻭﺛﻬﺎ ﺑﻴﻦ
ﻣﺎﻟﻜﻲ ﺍﻟﺪﻳﺎﺭ ﻭﺍﻟﺤﻮﺍﻛﻴﺮ. ﻭﻣﻊ ﺃﻧﻪ ﺗﻢ ﻻﺣﻘﺎ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﻧﻈﺎﻡ
ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ، ﺇﻻ ﺃﻧﻪ ﺟﺎﺀ ﺿﻌﻴﻔﺎ ﻭﻓﺎﻗﺪﺍ ﻟﻤﺼﺪﺍﻗﻴﺘﻪ،
ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻋﻬﺪ ﺍﻹﻧﻘﺎﺫ.)ﺳﻨﺘﻄﺮﻕ ﻻﺣﻘﺎ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ
ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﺑﺎﻟﺘﻔﺼﻴﻞ (.
ﻭﻳﺘﻬﻢ ﻧﻈﺎﻡ ﺍﻹﻧﻘﺎﺫ ﺑﺈﺳﺘﻐﻼﻟﻪ ﻟﻘﻮﺍﻧﻴﻦ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺺ
ﻋﻠﻰ ﻣﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻟﻸﺭﺍﺿﻰ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﻤﺴﺠﻠﺔ، ﺣﻴﺚ ﻗﺎﻡ ﺑﻨﻘﻞ
ﻣﻠﻜﻴﺔ ﻣﺴﺎﺣﺎﺕ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻷﺭﺍﺿﻰ ﺍﻟﺴﻜﻨﻴﺔ ﻭﺍﻹﺳﺘﺜﻤﺎﺭﻳﺔ
ﻭﺍﻟﺰﺭﺍﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﺮﻋﻮﻳﺔ ﻟﻤﻨﺴﻮﺑﻴﻪ ﻭﻟﻠﻤﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﺍﻷﺟﺎﻧﺐ، ﻣﻤﺎ
ﺗﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺰﺍﻋﺎﺕ ﺍﻟﺪﺍﻣﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺷﺮﻧﺎ ﺇﻟﻴﻬﺎ
ﻣﻦ ﻗﺒﻞ، ﻣﺜﻠﻤﺎ ﺗﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﻌﻮﺭ ﺑﻌﺪﻡ ﺍﻷﻣﺎﻥ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ
ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﻭﺍﻷﺳﺮ ﻭﺍﻷﻓﺮﺍﺩ، ﺧﻮﻓﺎ ﻣﻦ ﺃﻥ ﺗﺒﺎﻉ ﺃﺭﺍﺿﻴﻬﻢ
ﻓﻲ ﺃﻯ ﻭﻗﺖ ﻭﻷﻱ ﺟﻬﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﺗﺪﻓﻊ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻫﺎ.
ﻛﻤﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺎﺯﺣﻴﻦ ﻳﺘﻢ ﻧﻘﻠﻬﻢ ﺑﺼﻮﺭﺓ ﻣﺘﻜﺮﺭﺓ ﻣﻦ ﻣﻨﻄﻘﺔ
ﻷﺧﺮﻯ ﻭﺗﻤﻨﺢ ﺍﻷﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﺘﻰ ﺃﻗﺎﻣﻮ ﺑﻬﺎ ﻭﻋﻤﺮﻭﻫﺎ ﺇﻟﻰ
ﻣﻮﺍﻃﻨﻴﻴﻦ ﺃﺧﺮﻳﻦ ﺃﻭ ﻣﺴﺘﺜﻤﺮﻳﻦ ﻣﺤﻠﻴﻴﻦ ﻭﺃﺟﺎﻧﺐ.
ﻭﻣﺜﻠﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷﺭﺽ ﺳﺒﺒﺎ ﻣﺒﺎﺷﺮﺍ ﻓﻲ ﺇﻧﺪﻻﻉ ﺍﻟﺤﺮﺏ
ﺍﻷﻫﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻼﺩ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺰﺍﻝ ﻣﺸﺘﻌﻠﺔ ﺣﺘﻰ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ،
ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺤﺮﺏ، ﻭﻻ ﺗﺰﺍﻝ، ﺳﺒﺒﺎ ﺭﺋﻴﺴﺎ ﻓﻲ ﺗﻔﺎﻗﻢ ﻧﺰﺍﻋﺎﺕ
ﺍﻷﺭﺽ، ﻋﺒﺮ ﺍﻹﺳﺘﻴﻼﺀ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻃﺮﺩ ﺳﻜﺎﻧﻬﺎ ﺍﻷﺻﻠﻴﻴﻦ
ﻣﻨﻬﺎ. ﻭﻛﺜﻴﺮﺍ ﻣﺎ ﻳﺒﺮﺭ ﺍﻟﻤﺴﺘﻮﻃﻨﻮﻥ ﺍﻟﺠﺪﺩ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺇﺳﺘﻴﻼﺋﻬﻢ
ﻋﻠﻰ ﺃﺭﺍﺿﻲ ﺍﻟﻘﺒﺎﺋﻞ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻬﻢ ﻣﻮﺍﻃﻨﻮﻥ ﺳﻮﺩﺍﻧﻴﻮﻥ،
ﻣﺪﻋﻮﻣﻴﻦ ﺑﻤﻔﺎﻫﻴﻢ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﺣﻮﻝ ﺣﺮﻳﺔ ﺍﻟﺤﺮﻛﺔ
ﻭﺍﻹﻗﺎﻣﺔ ﻭﺍﻟﻤﺴﺎﻭﺍﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻮﻕ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻭﺍﻹﻟﺘﺰﺍﻣﺎﺕ
ﺍﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ، ﺇﺿﺎﻓﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﺳﺘﻐﻼﻝ ﺍﻟﻤﻔﻬﻮﻡ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ، ﺧﺎﺻﺔ
ﻣﻨﺬ ﺍﻟﻌﺎﻡ 1990، ﺣﻮﻝ ﺃﻥ ﺍﻷﺭﺽ ﻣﻠﻚ ﻟﻠﻪ، ﻭﺍﻟﺪﻭﻟﺔ
ﻣﺴﺘﺨﻠﻔﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻭﻣﺴﻮﻭﻟﺔ ﻋﻨﻬﺎ، ﻭﻓﻖ ﻗﺎﻧﻮﻥ ﺍﻟﻤﻌﺎﻣﻼﺕ
ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﺍﻟﺴﻮﺩﺍﻧﻴﺔ ﻟﻌﺎﻡ .1984
ﻭﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺣﻮﻝ ﺍﻷﺭﺽ ﻓﻲ ﺍﻷﺭﻳﺎﻑ ﻳﺼﺒﺢ ﺃﻛﺜﺮ ﺗﺴﻴﻴﺴﺎ
ﻋﻨﺪ ﺭﺑﻄﻪ ﺑﺎﻟﺨﺪﻣﺎﺕ ﺍﻹﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﻦ ﺃﺳﻮﺍﻕ ﻭﻣﺪﺍﺭﺱ
ﻭﻣﺮﺍﻛﺰ ﺻﺤﻴﺔ، ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻳﺘﻢ ﻭﺿﻌﻬﺎ ﻭﻓﻘﺎ ﻟﻠﺤﺪﻭﺩ ﺍﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ
ﻟﻤﺴﺎﺣﺔ ﺍﻷﺭﺽ، ﺃﻭ ﺍﻟﺤﻴﻜﻮﺭﺓ، ﻣﻤﺎ ﻳﺠﻌﻞ ﺍﻹﺳﺘﻔﺎﺩﺓ ﻣﻦ
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺨﺪﻣﺎﺕ ﻣﺤﺼﻮﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﻠﻜﻮﻥ ﺍﻷﺭﺽ
ﻭﻳﺴﻜﻨﻮﻧﻬﺎ. ﻭﻗﺪ ﺗﺴﺒﺐ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻓﻲ ﻧﺸﻮﺏ ﺍﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ
ﺍﻟﺼﺮﺍﻋﺎﺕ، ﻣﺜﻞ ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﻴﺪﻭﺏ ﻭﺍﻟﺒﺮﺗﻲ ﻓﻲ ﺷﻤﺎﻝ
ﺩﺍﺭﻓﻮﺭ، ﻭﺑﻨﻲ ﻫﻠﺒﺔ ﻭﺍﻟﻔﻮﺭ ﻓﻲ ﺟﻨﻮﺑﻬﺎ.)ﻧﻮﺍﺻﻞ (.
ﺩ. ﺍﻟﺸﻔﻴﻊ ﺧﻀﺮ ﺳﻌﻴﺪ